الاثنين، 16 مارس 2009

أعود الى هناك


مازلت أعود إلى ارجوحتى تلك ..كم أحبها افتقدها..كم بات ارتباطي بها شديدا..و لكنني ما عدت الجأ إليها آلان سوى لدى كابتي ..و في كل مرة تستقبلني ..ربما يحزنها اننى لا أعود إليها إلا في أوقاتي الصعبة ..و لكنها لا تقسو على ..مع ذلك تكتفي بزيارتي ..هي وحدها تعرف جميع أسراري هناك في جنباتها القي كل أحزانى.
اذهب للحديقة ..اجلس على ارجوحتى ..بصمت شديد شاردة الذهن ..و بعد لحظات أحاول ..أحاول مقاومة ذلك الخدل الذي يسري في أطرافي ..ببطء ارفع قدمي الهزيلتان عن الأرض لأدفعها ..تبدأ ارجوحتى في الاهتزاز ..تتحرك الأرض من تحتي ..لكنني لا ارتفع سوى مسافة صغيرة للغاية تتناسب مع ضعف دفعي ..فارجوحتى ليست تعلو و تتأرجح كصديقاتها ..لان صاحبتها ليست كهؤلاء ..بثقل شديد اهتز للخلف و للامام و مازالت عيناي المرهقتان تتابعان سحابة هناك تجمعت على شكل كتلة قطنية كثيفة ..أتمنى الوصول إليها ..فابتعد عن عالمي هذا ..أتمناها تستطيع تحمل ثقلي لتحملني إلى ارض الأحلام ..ارض لا حزن فيها ..لا الم ..بل كل ما اذوقه هناك هو السلام.
أظل محدقة لتلك السحابة ..متابعة لحركتها البطيئة ..نعم ببطء شديد ..و لكنها تبتعد ..تعلم حالي و حزني قد تشاركني إياه للحظات و لكنها في النهاية ستمضي لطريقها غير عابئة ..فهذه هي سنة الحياة .
و في محاولة يائسة لتناسي همي ..و للتخفيف عن نفسي ..اعدل من وضعي ..افرد ظهري ..و أتنشق هواء الحديقة واضعة فيه أملى أن يبرد عليّ صدري ..لكنه يدخل و لا اشعر به ..أعيد الكرة.. أتنفس بشكل أعمق علّى انجح..و لكن لا ..لست أذوق له ذلك الطعم المميز ..لست أميز اختلاط رائحته بعبق الأزهار لست اشعر بانتعاشة الماء الملقى على الأرض لسقايتها .
تمنع تلك الكآبة الحادة على نفسي كل هذا ..تكون حاجزا سميكا يحول دون هروبي من سيطرتها .. اشعر بإرهاق_ يجتاح كل خلية من جسدي_ يأبى لها التبسم كما كانت تفعل دوما لدى تواجدها في الحديقة بين الخضرة و الأزهار.
افقد الأمل ..أعود فاسند رأسي من جديد على إحدى حدائد الأرجوحة التي تحملني بصبر و جلد ..لم تجف بعد تلك البقعة المبللة على ملابسي اثر تساقط دموعي ..لم تتمكن من فعل ذلك في تلك اللحظات القصيرة التي حاولت فيها إزاحة هذا الهم عن نفسي ..و بعودتي لوضعي أزيد حجم هذه البقعة .
حينها نظرت إلى الدنيا من حولي ..فلم أرها كما الفتها ..أحسست أنها على اتساعها ضيقة للغاية .._ضيق لا يحتمل حزني _.. استغربت لتذكري أنني في وقت عقلاني مضى آمنت باتساعها ..ذلك حين نظرت إليها لأرى أن هناك عوالم أخرى ..حيوات تختلف عن حياتنا لكل منها طابع خاص ..يتراوح بين الحزن و السعادة .. في هذه الدنيا في مكان ما يوجد أناس غيرنا قد يعانون مثلنا أو أكثر ..بينما آلان لست أرى هذا ..لاننى حين نظرت للحياة في حزني وجدت نفسي متوسطة إياها ..ارانى في المحور فيجل شأني و تعظم مصيبتي .
فنظرتنا للأشياء لا تعنى أننا نراها ..لا تعنى أننا نبصرها ..حيث أن إدراكنا لمعنى الحياة و للأشياء من حولنا تتحدد بحالتنا وقت النظر إليها ..إن ظننا أننا الوحيدين المتواجدين في هذه الدنيا .. وأهم ما يحدث فيها هو ما يحدث لنا .. إن حذفنا من عالمنا كل شيء سوانا ..حينها و فقط تصبح أمورنا ذات شأن ..لكننا إن أوجدنا عناصر أخرى بجوارنا سيهون وجودنا .. متى أبصرنا أننا جزء و فقط من عالم متباعدة أطرافه حينها يخف حملنا.